خطبة الجمعة للدكتور خالد بدير : الدين والإنسان
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الدين والإنسان ، للدكتور خالد بدير ، بتاريخ 10 ذو القعدة 1443هـ، الموافق 10 يونيو 2022م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 يونيو 2022م ، للدكتور خالد بدير : الدين والإنسان :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 يونيو 2022م ، للدكتور خالد بدير: الدين والإنسان ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 يونيو 2022م ، للدكتور خالد بدير : الدين والإنسان ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة الجمعة القادمة 10 يونيو 2022م ، للدكتور خالد بدير : الدين والإنسان : كما يلي:
أولًا: الإسلامُ دينُ الإنسانيةِ
ثانيًا: مِن صورِ الجوانبِ الإنسانيةِ في الإسلامِ
ثالثًا: حاجةُ الأمةِ إلى الجوانبِ الإنسانيةِ
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 10 يونيو 2022م ، للدكتور خالد بدير: الدين والإنسان : كما يلي:
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهٍ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلَّى اللهُ عليه وسلم. أمَّا بعدُ:
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة
أولًا: الإسلامُ دينُ الإنسانيةِ
إنَّ الدينَ الإسلاميَّ دينُ الإنسانيةِ، فقد جاءَ ليراعِي إنسانيةَ الإنسانِ فيمَا أُمِرَ بهِ أو نُهِيَ عنهُ، وإذا نظرنَا إلى المصدرِ الأولِ للإسلامِ وهو القرآن ُكتابُ اللهِ، وإذا تدبرنَا آياتِهِ، وتأملنَا موضوعاتِهِ واهتماماتِهِ، نستطيعُ أنْ نصفهُ بأنَّه كتابُ الإنسانِ، فالقرآنُ كلُّهُ إمَّا حديثٌ إلى الإنسانِ، أو حديثٌ عن الإنسانِ ولو تدبرنَا آياتِ القرآنِ كذلك لوجدنَا أنَّ كلمةَ “الإنسانِ” تكررتْ في القرآنِ ثلاثًا وستينَ مرةً، فضلًا عن ذكرهِ بألفاظٍ أُخرى مثلَ “بني آدمَ” التي ذكرتْ ستَّ مراتٍ، وكلمةُ “الناسِ” التي تكررتْ مائتين وأربعينَ مرةً في مكيِّ القرآنِ ومدنيِّهِ، وكلمةُ (العالمين) وردتْ أكثرَ مِن سبعينَ مرّةً، والحاصلُ أنَّ إنسانيةَ الإسلامِ تبدُو مِن خلالِ حرصِ الشريعةِ الإسلاميةِ وتأكيدِهَا على مخاطبةِ الناسِ والعالمين جميعًا، ولعلَّ مِن أبرزِ الدلائلِ على ذلك أنَّ أوّلَ ما نزلَ مِن آياتِ القرآنِ على رسولِ الإسلامِ محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلم خمسُ آياتٍ مِن سورةِ العلقِ ذكرتْ كلمةَ “الإنسانِ” في اثنتين منها، ومضمونهَا كلّها العنايةُ بأمرِ الإنسانِ، قالَ تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1-5].
وإذا نظرنَا إلى الشخصِ الذي جسدَ اللهُ فيهِ الإسلامَ، وجعلَهُ مثالًا حيًّا لتعاليمهِ وقيمهِ الإنسانيةِ، نستطيعُ أنْ نصفَهُ بأنَّهُ “الرسولُ الإنسانُ”؛ وإذا نظرتَ في الفقهِ الإسلامِي وجدتَ “العباداتِ”، لا تأخذُ إلَّا نحو الربعِ أو الثلثِ مِن مجموعهِ، والباقِي يتعلقُ بأحوالِ الإنسانِ مِن أحوالٍ شخصيةٍ، ومعاملاتٍ، وجناياتٍ، وغيرِهَا.
ولقد ضربَ لنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم أروعَ الأمثلةِ في القيمِ والمعانِي الإنسانيةِ والخلقيةِ قبلَ البعثةِ وبعدَهَا ؛ وقد شهدَ له العدوُّ قبلَ القريبِ، ونحن نعلمُ قولَ السيدةِ خديجةَ فيهِ لما نزلَ عليهِ الوحيُ وجاءَ يرجفُ فؤادُهُ:” كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا؛.، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ؛ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ؛ وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ”. ( متفق عليه ). بل إنَّ الرسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلم – صاحبُ الرسالةِ المحمديةِ، كان مشهورًا وملقبًا في قريشٍ قبلَ البعثةِ بالصادقِ الأمينِ، وأمَّا بعدَ البعثةِ فقد شهدَ لهُ ربُّهُ بقولِهِ : { ﻭَﺇِﻧَّﻚَ ﻟَﻌَﻠَﻰ ﺧُﻠُﻖٍ ﻋَﻈِﻴﻢٍ }(القلم: 4 )؛ ولقد شهدتْ لهُ زوجهُ عائشةُ رضي اللهُ عنها، وهي ألصقُ الناسِ بهِ، وأكثرُهُم وقوفًا على أفعالهِ في بيتهِ، بأنَّهُ صلَّى اللهُ عليه وسلم: ” كانَ خلقُهُ القرآنَ”، (مسلم )؛ قال الإمامُ الشاطبيُّ: “وإنَّما كان صلَّى اللهُ عليه وسلم خلقُهُ القرآنَ؛ لأنَّهُ حكَّمَ الوحيَ على نفسهِ حتى صارَ في عملهِ وعلمهِ على وفقهِ، فكان للوحيِ موافقًا قائلًا مذعنًا ملبيًا واقفًا عندَ حكمهِ”. فكان صلَّى اللهُ عليه وسلم قرآنًا يمشيِ على الأرضِ.
وهكذا كان الدينُ الإسلاميُّ دينَ الإنسانيةِ، وكان الرسولُ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – رسولَ الإنسانيةِ.
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة
ثانيًا: مظاهرُ وصورُ الجوانبِ الإنسانيةِ في الإسلامِ
للجوانبِ الإنسانيةِ في الإسلامِ صورٌ عديدةٌ تشملُ جميعَ فئاتِ المجتمعِ:
منها: الإنسانيةُ في التعاملِ مع الخدمِ والعبيدِ: فعن أَنَسٍ قَالَ: “خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ وَلَا لِمَ صَنَعْتَ وَلَا أَلَّا صَنَعْتَ”(البخاري مسلم)، وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: “مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ “(البخاري ومسلم ).
ومنها: الإنسانيةُ في التعاملِ مع الأطفالِ والصبيانِ: فقد كان صلَّى اللهُ عليه وسلم رحيمًا بالأطفالِ، فقد كان يخطبُ، فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ، فَنَزَلَ فَأَخَذَهُمَا فَصَعِدَ بِهِمَا الْمِنْبَرَ، ثُمَّ قَالَ:” صَدَقَ اللَّهُ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ( التغابن: 15 )، رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ “، ثُمَّ أَخَذَ فِي الْخُطْبَةِ. ( أبو داود والحاكم وصححه )؛ وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن شَدَّادِ بن الْهَادِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي إِحْدَى صَلاتَيِ النَّهَارِ: الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ، وَهُوَ حَامِلٌ الْحَسَنَ أَوِ الْحُسَيْنَ، فَتَقَدَّمَ فَوَضَعَهُ عِنْدَ قَدَمِهِ الْيُمْنَى، فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجْدَةً فَأَطَالَهَا، فَرَفَعْتُ رَأْسِيَ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ، وَإِذَا الْغُلامُ رَاكِبٌ ظَهْرَهُ، فَعُدْتُ فَسَجَدْتُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ نَاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَقَدْ سَجَدْتَ فِي صَلاتِكَ هَذِهِ سَجْدَةً مَا كُنْتَ تَسْجُدُهَا، أَشَيْئًا أُمِرْتَ بِهِ، أَوْ كَانَ يُوحَى إِلَيْكَ؟ قَالَ:” كُلٌّ لَمْ يَكُنْ، وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي، فَكَرِهْتُ أَنْ أُعْجِلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ”.(أحمد والطبراني والحاكم وصححه).
ومنها : الإنسانيةُ في التعاملِ مع النساءِ: فكان صلَّى اللهُ عليه وسلم دائمَ الوصيةِ بالنساءِ، وكان يقولُ لأصحابهِ: “اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا”[البخاري]، ويقولُ أنسُ بنُ مالكٍ: “إِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ!”[ البخاري].
ومنها: الإنسانيةُ في التعاملِ مع الحيوانِ: فقد تجاوزتْ إنسانيتهُ صلَّى اللهُ عليه وسلم ذلك كلّه إلى الحيوانِ والبهيمةِ، فيروي عبدُ اللهِ بنُ جعفرٍ رضي اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلم دخلَ حائطًا لرجلٍ مِن الأنصارِ، فإذا فيهِ جملٌ، فلمَّا رأى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلم حنَّ وذرفتْ عيناهُ، فأتاهُ صلَّى اللهُ عليه وسلم فمسحَ ظفرَاهُ فسكتْ، فقالَ صلَّى اللهُ عليه وسلم :”مَن ربُّ هذا الجملِ؟ لمَن هذا الجمل؟” فجاءَ فتىً مِن الأنصارِ فقالَ: لِي يا رسولَ اللهِ، فقالَ لهُ: ” أَفَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ ” (أبو داود)، ( وَتُدْئِبهُ: أَيْ تُكْرِههُ وَتُتْعِبهُ وَزْنًا وَمَعْنًى)، وقد مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعِيرٍ قَدْ لَحِقَ ظَهْرُهُ بِبَطْنِهِ فَقَالَ: “اتَّقُوا اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ الْمُعْجَمَةِ فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً وَكُلُوهَا صَالِحَةً” (أبوداود وابن خزيمة بسند صحيح).
ومنها: الإنسانيةُ في التعاملِ مع كبارِ السنِّ: فقد جاءَ أبو بكرٍ بأبيهِ عامَ الفتحِ يقودُهُ نحو رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم ورأسُهُ كالثَّغامةِ بياضًا مِن شدّةِ الشيبِ، فرحمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم شيخوخَتَهُ وقالَ: “هلَّا تركتَ الشيخَ في بيتهِ حتى أكونَ أنَا آَتِيَهُ فيهِ، قالَ أبو بكرٍ رضي اللهُ عنه: هو أحقُّ أنْ يمشِي إليكَ يا رسولَ اللهِ مِن أنْ تمشِي إليهِ.” [ مجمع الزوائد – الهيثمي ]. وهو القائلُ صلَّى اللهُ عليه وسلم: ” لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا” [ أحمد والترمذي والحاكم وصححه ].
ومنها: الإنسانيةُ في التعاملِ مع الكفارِ: فالإنسانيةُ في الإسلامِ لم تقتصرْ على المسلمينَ فحسب، بل تعدتْ لتشملَ الكفارَ كذلك، فعندما قِيلَ لهُ صلَّى اللهُ عليه وسلم ادعُ على المشركين قال:” إنِّي لم أُبعَث لعانًا، وإنَّما بعثتُ رحمةً” (مسلم) ، وقال في أهلِ مكةَ – لما جاءَهُ ملكُ الجبالِ ليأمرَهُ بما شاءَ- : ” بل أرجُو أنْ يخرجَ اللهُ مِن أصلابِهِم مَن يعبدُ اللهَ وحدَهُ لا يشرك بهِ شيئًا ” (البخاري ومسلم)، ولما أصيبَ في أُحدٍ قال له الصحابةُ الكرامُ ادعُ على المشركين فقال:” اللهم اهدِ قومِي فإنَّهم لا يعلمون”. (شعب الإيمان للبيهقي) .
ومنها: الإنسانيةُ في التعاملِ مع المخطئِ: فعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَامَ أعرَابِيٌّ فَبَالَ في الْمَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم -: ” دَعُوهُ وَهَرِيْقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ، أوْ ذَنُوباً مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَم تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ “. (البخاري). وعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ ، قَالَ : بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ ، فَقُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ ، فَقُلْتُ : وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ ، مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي ، لَكِنِّي سَكَتُّ ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي ، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ ، وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ ، فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي ، قَالَ : ” إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ ، لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ ” ( مسلم ) .
وهكذا جاءَ الدينُ الإسلاميُّ ليشملَ بإنسانيتهِ كلَّ ما في الكونِ مِن إنسانٍ وحيوانٍ وطيرٍ ودوابٍ وغيرِهَا، دونَ التفرقةِ بينَ جنسٍ أو لغةٍ أو لونٍ أو عرقٍ أو غيرِ ذلك، وفي ذلك يقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلم: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ ، أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ ، وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ ، وَلاَ أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ ، وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ ، إِلاَّ بِالتَّقْوَى”.( أحمد والطبراني بسند صحيح).
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة
ثالثًا: حاجةُ الأمةِ إلى الجوانبِ الإنسانيةِ
أيُّها الإخوةُ المؤمنون: ما أحوجَ الأمةُ إلى القيمِ الإنسانيةِ – ولا سيّمَا مع الضعفاءِ وذوي الاحتياجاتِ – وذلك بأن نقضِي حاجتِهِم ونرفقَ بهم، فعن أنسٍ رضي اللهُ عنه: أنَّ امرأةً كان في عقلِهَا شيءٌ، فقالتْ: يا رسولَ اللهِ إنَّ لي إليكَ حاجةً! فَقَالَ: “يَا أُمّ فُلاَنٍ! انظري أَيّ السّكَكِ شِئْتِ، حَتّىَ أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ”، فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ، حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا (مسلم). وهذا مِن حلمهِ وتواضعهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم وصبرهِ على قضاءِ حوائجِ ذوي الاحتياجاتِ الخاصةِ، وفي هذا خيرٌ كثيرٌ وبركةٌ عظيمةٌ للأمةِ بوجودِ هؤلاءِ الضعفاءِ، بل إنَّ وجودَ الضعفاءِ في المجتمعِ سببٌ لرفعِ الضرِّ والعذابِ عنَّا، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:” لَوْلا شُيُوخٌ رُكَّعٌ، وَشَبَابٌ خُشَّعٌ، وَأَطْفَالٌ رُضَّعٌ، وَبَهَائِمُ رُتَّعٌ، لَصَبَّ عَلَيْكُمُ الْعَذَابَ صَبًّا “(مجمع الزوائد).
إنَّنَا نحتاجُ إلى أنْ نُربِّي إنسانًا بمعنى الكلمةِ، نحتاجُ إلى زرعِ إنسانٍ يبقَى أثرُهُ مئاتَ السنين، كما قال أحدُهُم: إذا أردتَ أنْ تزرعَ لِسَنَةٍ فازرعْ قمحًا، وإذا أردتَ أنْ تزرعَ لعشرِ سنواتٍ فازرعْ شجرةً، أمَّا إذَا أردتَ أنْ تزرعَ لمئةِ سنةٍ فازرعْ إنسانًا !!
إنَّنَا نحتاجُ إلى إنسانيةٍ في التعاملِ مع الكبيرِ، إنسانيةٍ في التعاملِ مع المذنبِ، إنسانيةٍ في التعاملِ مع المخطئِ، إنسانيةٍ في التعاملِ مع الحيواناتِ، إنسانيةٍ في التعاملِ مع النساءِ، إنسانيةٍ في التعاملِ مع غيرِ المسلمين، إنسانيةٍ في تعاملِ الطبيبِ مع المرضَى، إنسانيةٍ في تعاملِ ربِّ العملِ مع عمالهِ، إنسانيةٍ في تعاملِ الموظفينَ والمسئولينَ والإداريينَ مع الجماهيرِ وقضاءِ حوائجهِم، إنسانيةٍ في التعاملِ مع جميعِ فئاتِ المجتمعِ مع اختلافِ ثقافاتِهِم وبيئاتِهِم وأشكالِهِم وألوانِهِم ووظائفهِم وأحوالِهِم، نحتاجُ أنْ نجسدَ الإنسانيةَ مِن خلالِ شخصيةِ الرسولِ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – في التعاملِ مع الآخرين ونُسقطهَا على أرضِ الواقعِ، فهو قدوتُنَا وأسوتُنَا: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا }( الأحزاب: 21).
فعليكُم بالإنسانيةِ والرفقِ واللينِ والرحمةِ بجميعِ فئاتِ المجتمعِ، الآباءِ والصبيانِ والأراملِ والعجزةِ والأُجراءِ وغيرِ ذلك مِمَّا ذكرنَا، إنَّنَا إنْ فعلنَا ذلك تحققَ فينَا قولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى”(مسلم).
نسألُ اللهَ أنْ يحسنَ أخلاقَنَا كما حسَّنَ خَلْقَنَا
الدعاء،،،،،،، وأقم الصلاة،،،،، كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف